أساسيات المجال المقاولاتي

‘أن تكون صاحب مشروع هو أن تكون قائدا حقا’
من تكون؟ ماذا تمثل؟ ماذا تريد؟ غالبا ما يعرف أصحاب المشاريع أجوبة هذه الأسئلة عندما يباشرون شركاتهم. لكن هل ينطبق نفس الأمر على فرق قيادتهم؟ للتأكد من هذا، يطور كبار أصحاب المشاريع “برنامج عمل” يكون بمثابة مرشد لشركاتهم وهي ترفع نسبة الموظفين من ستة إلى 60 ثم إلى 600 موظف، كما يقول ميشال يوسيم [Michael Useem]، أستاذ إدارة الأعمال في وارتون ومدير “مركز القيادة وإدارة التغيير” [Center for Leadership and ChangeManagement]فيها. في سلسلة بودكاست هذه المخصصة لمشروع تنافسية الخطة التجارية في كل من سيرت و وارتون [Wharton-CERT BusinessPlanCompetition]، يناقش يوسيم برامج العمل وأشياء أخرى يحتاجها أصحاب المشاريع لتطوير فرق قيادة ناجحة، بما في ذلك مهارة حكاية قصة ممتعة.

فيما يلي مقتطفات معدة للنشر من الحوار.

المعرفة في وارتون بالعربية: عندما يطلق أصحاب المشاريع شركاتهم، يكون من الضروري أن يتوفروا على فريق قيادة جيد. ما نوع الأشخاص الذين يتعين على صاحب المشروع أن يبحث عنهم؟

ميشال يوسيم: أن تكون صاحب مشروع معناه حقا أن تمارس القيادة. إنك تقوم بخلق شيء من لا شيء. من بين أكثر الصفات المحددة للقيادة عظمة هي أن تعمل في ظل هذه الظروف لبلوغ واقع أفضل، أن تأخذ فكرة وتحولها إلى واقع.

إذا سلمنا بهذا، وبعد أن تقوم بإطلاق مشروع، لا بد أن تبذل مجهودا واعيا لبناء فريق عمل. لا يمكنك القيام بهذا الأمر لوحدك إلا إذا كنت تريد أن تختصر الشركة في حجم صغير. والسبب واضح. فالوظائف التي يتعين ملؤها تكون في الغالب تقنية، ولن يكون لديك الوقت للقيام بكل شيء. فتكوين فريق عمل أولي مهم جدا- في حين يمكن أن يتأخر فريق الإدارة على مستوى عال.

اعتمادا على تقاليد البحث في مجال عملي، إذا كنت تريد التكهن بأداء شركة ما، ويمكنك معرفة كل شيء حول المدير التنفيذي- في هذه الحالة، صاحب المشروع – أو يمكنك معرفة كل شيء عن المدير التنفيذي وعن الفريق، فإنك بالتأكيد تريد هذا الأخير، بمعنى أن تنفذ المهام ثم يأتي قياس الأداء. من الضروري أن تتوفر على فريق عمل بجانبك يقدر رؤيتك للعالم، ويفهم الإستراتيجية المقدمة، ثم يحدد من يستحق أن يكون ضمن الفريق، وذلك بالتأكد من أن كل واحد يوجد في نفس مستوى عندما يتعلق الأمر بالمهام، والرؤية، وكيفية بناء الإستراتيجيات وتنفيذها.

تريد الأشخاص الذين لا يبدون مثلك. إنه نوع من صيغة قديمة هنا. غير أن قدرتك على الإبداع وأنت تقوم بعملية البناء، وقدرتك على أن تكون خلاقا بشأن العالم الذي تحاول أن تمسك به كمشروع ناشئ، تعتمد بشكل كبير على تنوع تجارب الناس وخلفياتهم داخل الغرفة…إنه لأمر عظيم حقا أن تتوفر على أشخاص ذات خلفيات تشغيلية متنوعة- التسويق، والمحاسبة، والعمليات، وسلسلة التزويد – والأشخاص الذين عملوا في ميادين مختلفة. غير أن تواجدهم هنا يعتبر فقط نصف الصيغة. أما النصف الآخر من هذه الصيغة فهو القيادة الجيدة لهذا الفريق، وتجميع أفكاره، والإنصات إليه والاندماج معه لتحقيق التنمية.

المعرفة في وارتون بالعربية: هل هناك فرق بين الفريق الذي تحتاج إليه في مشروع ناشئ مقارنة مع شركة قديمة النشأة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هو الفرق؟ ما هي المهارات التي تحتاج إليها؟

يوسيم: ستكون هناك أرضية مشتركة. ليس المهم أن تسير شركة ضخمة مثل “جي.اي” [GE] أو شركة كبيرة مثل “اي.باي” [eBay] أو مقاولة ناشئة تتوفر على خمسة أو ستة أشخاص. لا بد أن يتوفر الفريق على رؤية موحدة عن أهداف المقاولة. لا بد أن يكون هناك اتفاق بشأن إستراتيجية بلوغ هذه الأهداف. يتعين على الفريق أن يضم أشخاصا يمكنك أن تعتمد عليهم، مع تحقيقهم لاندماج رائع. كما يتعين عليهم أن يكونوا فعالين في شرح كل ما يتعلق بالشركة للموظفين، وللمستهلكين، وكذلك لممثلي الأسهم الخواص، أو لكل من يمكن أن يدعم المقاولة.

في المراحل المبكرة للمقاولة الناشئة، تريد أشخاصا يمكنهم أن يقوموا بأعمال محددة. في هذه الأيام المبكرة، إذا قال أحدهم:“انظر، عملي يقتصر فقط على المحاسبة،” فهذا ليس الشخص المثالي ليكون ضمن فريقك. في مراحل تالية، وطبقا لحجم وللأنشطة اليومية للمهام المنجزة والتي تتطلب تقنية عالية – مثل تدشين حملة تسويقية جديدة في الصين- تريد أشخاصا لهم دراية بالتسويق على رأس هذا الفريق. غير أن الصيغة تشمل المقاولة الناشئة ذات ستة موظفين أو في مستوى متوسط من التقدم ذات 500 موظف- هذا الفريق سيكون جيدا بشرط أن يكون الهدف موحدا، وأن تكون المهمة واضحة، وأن يعمل الفريق معا. ولا يمكن أن يتحقق هذا بمحض الصدفة، بل بقدرتك على القيادة وتطوير الفريق.

سأسرد لك حالة. عندما تقلد ميك ويتمان [Meg Whitman] منصب المدير التنفيذي في شركة “اي.باي” في عام 1998، كانت الشركة تتوفر على 28 موظفا. وكانت تتميز بقدرة إبداعية كبيرة، وكانت تبدو مثل مقاولة إنترنت ناشئة تحقق نجاحا مبهرا. لقد كان المكان يعج بالفوضى بحيث لم يكن أحد يتوفر على برامج مواعيد، ولم يكن هناك تنظيم يتناسق وإيقاع الشركة. لكن ميك قام بإنشاء فريق إدارة على مستوى عال، وجلب النظام بشكل جعلها تقفز إلى 15.000 موظف.

المعرفة في وارتون بالعربية: ما هي الاعتبارات التي تستحضرها وأنت توسع قاعدة الفريق بعد تجاوز مرحلة إطلاق المقاولة؟

يوسيم: هناك شيئان اثنان. من خلال أدبيات البحث الأكاديمي وتخميناتي من أن تتناسب مع تجارب معظم الناس الذين عاشوا تجربة إطلاق مقاولة. أولا، تقوم بإنشاء برنامج عمل…عن كيفية اشتغالك في الشهور الأولى. هل ينبغي أن تكون اللقاءات مفتوحة؟ هل يتلقى الناس تعويضا على أساس ثابت؟ هل فكرتك هي الوحيدة التي تحرك الشركة أو هل هناك تعاونا للاستفادة من أفكار أخرى؟ هناك الكثير من الطرق للقيام بهذا. غير أن النقطة الرئيسة للأدبيات الأكاديمية هي أنه ما أن تبدع- كقائد وكصاحب مشروع – طريقة للعمل، من الصعب أن تغيرها. إذن، أن تكون واعيا بشأن برنامج العمل هذا في المراحل المبكرة مهم لأنه يمكن أن يستمر معك دائما.

ثانيا، عندما تتوفر الشركة على ستة أشخاص، يكون الحوار مباشرا بين الزملاء في العمل، وهو أمر ممتاز. عندما ينتقل الرقم من 6 إلى 60 أو 600، الذي سيحمل رؤيتك، وأفكارك، وخطتك، ومناهجك، للذين هم واحد أو اثنان، أو ربما ثلاثة هي قدرتك على خلق ثقافة وقيم ومعايير مشتركة.

في المرحلة المبكرة، لا أعير اهتماما للثقافة. لكن ما أن يتم وضع برنامج العمل هذا بسرعة، حتى تحتاج إلى التفكير بشأن الثقافة التي تريد وأن تصبح نشطا في تحقيق هذا. ويتعين عليك أن تكافئ الناس نظير قيامهم بالواجب، وأن تمثل ثقافتك أحسن تمثيل. من المهم أن تبني هذا.

المعرفة في وارتون بالعربية: كيف تقوم بخلق المواقف والثقافة؟ يبدو أن الأمر صعب؟

يوسيم: إنه من بين التحديات الكبرى في التسيير- لا يهم إن كانت مقاولة ناشئة أو شركة متوسطة أو كبيرة. كلنا نعتقد أن الثقافة مفهوم مبهم. إذا سألك أحد عن الصفة المحددة للثقافة الأميركية، أو الهندية، أو الصينية، فلا تعرفها إلا إذا أحسستها.

هناك أيضا ما يطلق عليه علماء الاجتماع بالمعايير. نقصد قواعد أو طرق ضمنية للسلوك. ونعتمد في سلوكنا على القيم التي توجهنا. في معظم الحالات، نقوم بصد هذه القيم والمعايير. إذا ترعرعنا في الهند، فإنه يفترض أن نكون نعرف كيف نتصرف في الشارع، وكيف نقف في محطة الحافلة.

عند تأسيسنا لشركة، نكون مؤسسين للثقافة وليس فقط مستقبلين لها. و لخلق الثقافة، ليس هناك مهارات تلقن بهذا الخصوص. إن الأمر بسيط يتطلب أربع أو خمس خطوات. عليك أن تقوم بهذا الأمر، إنه ليس سهلا. لكن لا بد من القيام به. مع كل ما تقول وكل الحركات التي تقوم بها، يحدث هذا بشكل لا شعوري. غير أنه في المراحل المبكرة من مقاولة ناشئة، ينظر إليك الناس على أنك المحدد لطريقة تصرفهم. في الوضع الأول، أنت فقط: هل تقوم بشرح هذا؟ هل دخلت إلى غرفة بشكل محترم أم لا؟

و مع تطور الشركة، هناك غالبا ما يسمى العادات- بمعنى الاحتفالات. يخرج منتوج جديد إلى السوق، وتشرب “الشامبانيا”، وتلقى الخطابات. إنه لرائع أن تحتفل. كما أن المكافأة والترقية والتوظيف يرسل إشارات. من توظف؟ من تترك يرحل؟ ماذا تقدم مكافأة؟ كل هذا جزء من مكون الثقافة.

وأخيرا، لا نثمن قوة الحكي. لكن عندما يتعلق الأمر بالثقافة ومتعلقاتها، ليس هناك تقريبا فعل أهم من عرض قصة. احك. بالنسبة للمقاولات الناشئة، غالبا ما يكون هذا رواية التأسيس. كيف كونت هذه الفكرة؟ من هو المستثمر الملاك الذي تكلمت معه أولا؟ ما هي اللحظة السحرية التي انتقلت فيها من فكرة إلى خدمة أولى أو منتوج خرج إلى السوق؟ تقديم هذه الرواية كتفاصيل خطية مهم لتكوين الثقافة.

للحديث عن الثقافة الأميركية، نحتفل بآبائنا المؤسسين. نفكر فيما قام به جورج واشنطن [George Washington] أو توماس جيفيرسون[Thomas Jefferson]. من الضروري فهم التاريخ لتقييم ما قاموا به. كل نقاش، أو مقال، أو كتاب يمكننا أن نقرأه عنهم يساعدنا في تقييم الثقافة الأميركية. نفس الأمر ينطبق على المقاولة الناشئة.

المعرفة في وارتون بالعربية: تعرف الكثير من الشركات، والمقاولات الناشئة والمنظمات الكبيرة. ما هي بعض أكثر المخاطر التي تعوق بناء فريق قيادة وكيف يمكن تفاديها؟

يوسيم: أولا، هناك غياب الالتزام ببناء القيادة لدى الأشخاص المكونين للفريق. إذا كانت الشركة جديدة، فإنك غالبا ما تستخدم أشخاصا لم يقضوا وقتا طويلا في وظائفهم داخل الشركة. لا تعتبر القيادة لمعظم الناس مهارة طبيعية. معظم الناس عليهم أن يكتسبوها. إذا كنت صاحب مشروع، بالتعريف، فإنك تعرف كيف تقود وإلا فإنك لن تكون في هذا المكان. الشيء الأول أن تكون واعيا بضرورة تكوين فريقك. مثلا، رافق فريقك خارج المقاولة…لزيارة مقاولة أخرى أو لقضاء اليوم معا تعتبر كلها إشارات صغيرة لتطوير القيادة.

ثانيا، مع تطور الشركة، يعتبر فعل التسريح حيويا. فهذا يعني بأنك جيد في تبليغ نيتك. وهو ما يطلق عليه الضباط العسكريون قصد القائد. في مجال الأعمال، يمكننا أن نسميه القصد الإستراتيجي. أن تفسر ما تريد إنجازه- كما هو الشأن بالنسبة للضابط الذي يذهب رفقة قوة عسكرية إلى العراق أو أفغانستان ويقول:“ قصدنا أن نصل إلى هذا المكان،” ثم يقوم بعد ذلك ببناء مجمع حصين ويبدأ المهام الميدانية.

ثالثا، لا بد من تحمل الأخطاء. سترتكب أخطاء. هذه صفقة مجازفة. الأشخاص الذين تفوض إليهم بعض السلطات -لنقل إنهم ستة – يقومون هم أيضا بالتفويض ويحتاجون حرية التصرف. لا ينبغي أن تراقبهم كل الوقت حتى تكون هناك قرارات جيدة. مع توسع الشركة من ستة إلى 60 ثم 600، من الأفضل أن يسيطر شخص واحد على مقاليد الشركة.

المعرفة في وارتون بالعربية: يجد أصحاب المشاريع، في بعض الأحيان، مشاكل عندما يتخلون عن السيطرة. حتى إذا كان لهم نواب، يمكنهم أن يتدخلوا من آن لآخر حتى يثبتوا وجودهم. هل هناك نصائح حول كيفية تعامل أصحاب المشاريع مع المسألة؟

يوسيم: أولا، تعلم أولا كيف تقرص لسانك. ثانيا، تعلم كيف تمشي في اجتماع – هذه مسألة انضباط ذاتي. قم بتتبع ما يقع في هذا الاجتماع. إذا كان هناك ستة أشخاص، هل تكلمت 20 في المائة من الوقت أو أقل؟ جيد. إذا كان أكثر من هذا، فإنك تخسر فرصة أن تجعل القرارات تتخذ من قبل أشخاص آخرين.

ثالثا، انضبط وتدرب على القيادة والتطوير. هناك الكثير من الكتب التي ستعلمك كيف تقوم بهذا. كما أن الكثير من الجامعات والمزودين يقدمون برامج تقوم بنفس العمل. لكن الأمر يتعلق بتعلم تفويض القصد الإستراتيجي- والذي لا يعتبر مهارة فطرية بالنسبة لمعظم الناس.

رابعا، تعلمت هذا من عملي مع الناس في المصالح العسكرية. عندما يكون ضابط كبير من الجيش، أو البحرية أو القوات الجوية في الغرفة مع مرؤوسيه، فالكل ينصت. إذا لم يكن أحدهم حذرا، وهذا ما يقع في القطاع الخاص أيضا. هناك طريقة تستعمل في المصالح العسكرية وهي: “اليوم ليس هناك رتب.” في بعض الأحيان، ينزع ضباط الجيش النياشين وتكون المناقشة أكثر سلاسة.

هناك أداة يومية أخرى على الأرض تساعد على تحقيق الهدف الذي نتحدث عنه هو أنه عندما تبدأ المناقشة، عوض أن تقترح منهجك أو حلك لمشكل ما، اسأل الشخص الأقل سنا في القاعة للبدء. ستسمع وجهة نظر جديدة من شخص لم يتأثر بأشخاص في مراتب أعلى منه.

المعرفة في وارتون بالعربية: ما هي الأداة التي تقترح لصاحب مشروع يريد بناء فريق قيادة لإيجاز كل ما تحدثنا عنه؟

يوسيم: دعني أشكر كل صاحب مشروع هنا لأنه تجلي حي للقيادة. فنيلسون مانديلا أخذ جنوب أفريقيا مما كانت عليه إلى مرتبة تعدد الأعراق والديمقراطية. فصاحب المشروع، بمعنى من المعاني، يقوم بنفس الشيء…مع كل العناصر الضرورية للقيادة- الرؤية، والإستراتيجية، والتنفيذ.

إن التزام صاحب المشروع وهويته عنصرين حيويين. و ستحصل عليهما إن كنت صاحب مشروع، غير أن حدسك المتعلق بالأعمال الحرة وقدرتك على رؤية ما يتعين القيام به لا بد له من تنظيم وتنفيذ عبر. من الحيوي كذلك أن تتوفر على فريق عمل في أعلى الهرم. كما أن بناء ثقافة لمرافقة هذا مهم. كل عناصر المنطقتين وأخرى تحدثنا عنها ليست طبيعية بالنسبة للكثير من الأشخاص. عليك أن تذكر نفسك أن مهمتك لا تقتصر فقط على معرفة ما تدعو إليه الحاجة تقنيا في سوق أو العمل مع الزبناء والمستثمرين الخواص…لبناء شركة. مهمتك أن تبني عالما من حولك يتوفر على المؤهلات اللازمة، وعلى الثقافة، والمعايير، والقيم، وعلى خصائص القيادة.

  1. لا توجد تعليقات حتى الآن.
  1. No trackbacks yet.

أضف تعليق